أسرار استجابة الدعاء بسرعة البرق هي موضوع يهم كل المؤمنين، حيث يجد الكثيرون في الدعاء وسيلة للتواصل مع الله والتعبير عن احتياجاتهم وآمالهم. يعتبر الدعاء من العبادات العظيمة التي تعتمد على الإيمان واليقين بأن الله سبحانه وتعالى قادر على الاستجابة. من خلال دراسة هذه الظاهرة، يمكن فهم العوامل التي تؤثر على استجابة الدعاء، ومعرفة كيفية تعزيز العلاقة بين العبد وربه. وفي هذا المقال، سنتناول بالتفصيل كيفية استجابة الله للدعاء.
أسرار استجابة الدعاء بسرعة البرق أسرار العارفين
جميعنا نتوجه إلى الله لكي يحقق مطالبنا، ولكن المؤمن إذا أراد حقًا أن يتم استجابة دعائه، عليه أن يتوجه لله بقلب واثق ومن دون شك في قدرته سبحانه، وأن لا يستمع لوساوس الشيطان والتي قد تجعل منه يشعر بالإحباط. يقول الله عز وجل في كتابه الكريم:
“وقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ ۚ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ “ (سورة غافر، الآية 60). توضح هذه الآية أن الدعاء هو السبيل لاستجابة الله لعباده، شرط أن يكون ما يسأله العبد فيه خير له.
قوله تعالى في سورة البقرة:
“وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ” (آية 186).
إن الفرق بين الدعاء والاستجابة يكمن في إيمان القلب وحضور النية عند الدعاء. فالآية المطلوب التعرف عليها تدل على عدم وجود حواجز أمام الدعاء طالما صدق العبد في قلبه ورغبته في الوصول إلى الله.
لكن من المهم أن يكون المؤمن حاضرًا بقلبه وواثقًا بالله، بالإضافة إلى ضرورة تجنب المعاصي التي قد تؤثر سلبًا على استجابته. وكما ورد في حديث أبو هريرة -رضي الله عنه- عن رسول الله صلى الله عليه وسلم:
“إن الله طيب لا يقبل إلا طيبًا، وإن الله أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين، فقال تعالى: يا أيها الرسل كلوا من الطيبات واعملوا صالحا”
قال تعالى: “يا أيها الذين آمنوا كلوا من طيبات ما رزقناكم”
ثم ذكر النبي رجلًا يسافر وهو أشعث أغبر، يرفع يديه للسماء قائلاً: يا رب، لكن ولما كان طعامه وشرابه وملبسه حرام، كيف يُستجاب له؟” (صحيح الترمذي).
تظهر هذه الآيات والأحاديث أهمية الالتزام بالطهارة في الطعام واللباس، إذ إن الإجابة مرتبطة بحسن النية ووضوح القلب.
أسباب استجابة الدعاء
- من الأمور الضرورية أن يحرص المؤمن على الدعاء بما هو خير له، وتفادي دعوة الشر للآخرين، مثل قطع الأرحام. كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: “ما من مسلم يدعو الله بدعوة ليس فيها إثم ولا قطيعة رحم إلا أعطاه الله بها إحدى ثلاث: إما أن تعجل له دعوته في الدنيا، وإما أن يدخرها له في الآخرة، وإما أن يصرف عنه من السوء مثلها.”
- الإكثار من قول “لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين.”
- يجب الاهتمام بالدعاء للغير بالخير حيث إن الدعاء لمحتاج بالخير يعود على الداعي بمثله.
- تجنب المعاصي يعتبر من أسرار استجابة الدعاء بسرعة البرق، خصوصًا بالنسبة للعارفين.
- العمل الصالح، مثل بر الوالدين، يعد من أسرار استجابة الدعاء.
- ملازمة الاستغفار والتوبة عن الذنوب من الأمور الضرورية للاستجابة.
- تأدية الصلوات في أوقاتها والتزام الواجبات الدينية، والإكثار من النوافذ.
- مناجاة الله بأسمائه الحسنى وذكر صفاته خلال الدعاء.
- التركيز أثناء الدعاء، سواء بالعقل أو القلب، يعد جزءًا مهمًا من العملية.
- ينبغي الاتجاه للقبلة ورفع اليدين أثناء الدعاء، مع الإلحاح ورفض اليأس.
- بدء الدعاء بالحمد والثناء على الله والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم من الأسرار المهمة.
الأوقات التي يفضل الدعاء فيها
يتساءل الكثير عن الأوقات المثالية التي تزيد من فرص استجابة الدعاء. الوقت مهم جدًا وله أثر كبير، وخاصة إذا تم اختياره بعناية من قبل الداعي.
يجب على المرء أن يتحلى بالأدب مع الله، وأن يستمر في الدعاء، حتى وإن طال انتظار استجابته. من المهم اختيار الأوقات الملائمة للدعاء، حيث إن تأخر الاستجابة يكون غالبًا لمصلحة الداعي.
من الأوقات التي لا يرد فيها الدعاء هي بين الأذان والإقامة، كما يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: “الدعاء لا يرد بين الأذان والإقامة.” حريصًا على عدم تفويت هذه الفرص القيمة.
أيضًا، جوف الليل، خاصة الثلث الأخير منه، هو وقت عظيم للاستجابة. يقول النبي في الحديث القدسي: “ينزل ربنا إلى سماء الدنيا كل ليلة حين يبقى ثلث الليل الآخر، فيقول: من يدعوني فأستجيب له؟ من يسألني فأعطيه؟ من يستغفرني فأغفر له؟ حتى ينفجر الفجر.” يعد هذا الوقت من أروع الأوقات للدعاء.
يجب على المؤمن أن يستغل كل فرصة، خاصة في السجود، حيث يكون أقرب ما يمكن له إلى الله، ليحقق الأمنيات والأحلام. كما يقول النبي صلى الله عليه وسلم:
“أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد، فأكثروا الدعاء، أما الركوع فعظموا فيه الرب، وأما السجود فاجتهدوا في الدعاء، فقمن أن يستجاب لكم.
وقت صعود الإمام للخطبة أيضًا من الأوقات التي تُستجاب فيها الدعوات، حيث ينصح النبي قائلًا: “إن في الجمعة ساعة لا يرد فيها سائل، وهي ما بين أن يجلس الإمام على المنبر إلى أن تقضى الصلاة” (رواه مسلم).
آخر النهار يوم الجمعة، من بعد صلاة العصر إلى غروب الشمس، هو وقت يدعو فيه المؤمن، حيث يدرك أهمية الانتظار ليحتسب أجره. يقول النبي: “في يوم الجمعة ساعة لا يسأل الله أحد فيها شيئا وهو قائم يصلي، إلا أعطاه الله إياه.”
عند نهاية كل صلاة، بعد التشهد وقبل التسليم، ينصح النبي: “ثم ليختر من الدعاء أعجبه إليه فيدعو.” كما أن الدعاء عند السفر وقت مهم جدا، وكذلك عند الإفطار من الصوم. قول رسول الله صلى الله عليه وسلم يجسد ذلك.
كما تجدر الإشارة إلى أن ليلة القدر تعتبر ليلة عظيمة، حيث قال الله سبحانه وتعالى: “إنا أنزلناه في ليلة مباركة” (سورة الدخان، آية 3).
بالإضافة إلى ترديد دعاء ختم المصحف الشريف، فإن الدعوات في تلك اللحظة تلقى إجابة.
من لا يرد دعائهم
من يدعو الله بيقين وإيمان بقوة استجابته، حيث جاء في حديث النبي صلى الله عليه وسلم: “ادعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة.” (رواه الترمذي). كما أن من يتوجه بالدعاء إلى الله يستحي الله من رد يديه فارغتين.
عندما يدعو المؤمن لأخيه الغائب، فإن الملك يرد عليه بمثل ما دعا له. كما قالت أم الدرداء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: “مَنْ دَعَا لِأَخِيهِ بِظَهْرِ الْغَيْبِ، قَالَ الْمَلَكُ الْمُوَكَّلُ بِهِ: آمِينَ، وَلَكَ بِمِثْلٍ.
كما أن دعوات الأبناء لأهلهم مستجابة، لما ثبت عنه صلى الله عليه وسلم: “إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ لَيَرْفَعُ الدَّرَجَةَ لِلْعَبْدِ الصَّالِحِ فِي الْجَنَّةِ، فَيَقُولُ: يَا رَبِّ، أَنَّى لِي هَذِهِ؟ فَيَقُولُ: بِاسْتِغْفَارِ وَلَدِكَ لَكَ.
وعند دعاء الآباء لأبنائهم، فإن الله يستجيب لهم بلا شك، إذ جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم: “ثلاثة دعوات مستجابات: دعوة الوالد، ودعوة المسافر، ودعوة المظلوم.”
يستجاب لدعوة المظلوم، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: “اتقوا دعوة المظلوم، فإنه ليس بينها وبين الله حجاب.
دعوة الصائم عند إفطاره تكون مستجابة، خاصة وأن الله تعالى قد ابتلى العباد بالصيام ليكونوا في أفضل الأحوال.
أفضل الأدعية للاستجابة
تعتبر أدعية سيدنا يونس في بطن الحوت من الأدعية المستجابة، وكما جاء في القرآن: “وَذَا النُّونِ إِذ ذَّهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَن لَّن نَّقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَىٰ فِي الظُّلُمَاتِ أَن لَّا إِلَٰهَ إِلَّا أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ” (سورة الأنبياء). فقد استجاب الله له ونجه من غمه.
كذلك، يجب الدعاء بأسماء الله الحسنى واستخدام الأدعية النبوية: “ما أصاب أحدًا همٌ ولا حزنٌ فقال: اللهم إني عبدُك ابنُ عبدِك ابنُ أمَتِك ناصيَتي بيدِك ماضٍ فيَّ حُكمُك عَدْلٌ فيَّ قضاؤُك، أسألُك بكلِّ اسمٍ هو لك سميتَ به نفسَك أوْ علَّمْتَه أحدًا مِنْ خلقِك أو أنزلته في كتابِك أن تجعلَ القرآنَ ربيعَ قلبي ونورَ صدري وجلاءَ حُزني وذهابَ هَمِّي.
اللهم ربنا لك الحمد، أنت قيم السموات والأرض، ولك الحمد أنت رب السموات والأرض ومن فيهن، أنت الحق، ووعدك الحق، ولقاءك الحق، والجنة حقٌ، والنار حقٌ، والساعة حقٌ،
اللهم لك أسلمت، وبك آمنت، وعليك توكلت، وإليك خاصمت، وبك حاكمت، فاغفر لي ما قدمت وما أخرت، وأسررت وأعلنت، وما أنت أعلم به مني، لا إله إلا أنت.
اللهم إني أعوذ بك من قلبٍ لا يخشع، ومن دعاءٍ لا يُسمع، ومن نفسٍ لا تشبع، ومن علمٍ لا ينفع، وأعوذ بك من هؤلاء الأربع.
في الختام، يمكن القول إن استجابة الدعاء تتطلب من العبد إيمانه العميق بالله وقدرته وحسن اختياره، وتقبل أقداره، وهذا يمثل سر استجابة الدعاء بسرعة البرق كما انفرد به العارفون.