التبسم هو فن من فنون التواصل الإنساني، ويعتبر من الآداب التي جسدها رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم عبر سلوكه اليومي. فالإبتسامة تعكس حالة من الود والرحمة، وقد كانت شكلًا من أشكال البشاشة التي تحل مكان الضغوطات والمتاعب. على الرغم من المعاناة والأزمات التي واجهها النبي، إلا أن ابتسامته لم تفارقه، مما يشير إلى عمق رسالته وتعاليمه الإنسانية. إن الابتسامة ليست مجرد تعبير عن السعادة، بل هي أيضًا نوع من الصدقة، كما ورد في العديد من الأحاديث النبوية. لذلك، يجب علينا استلهام هذه المهمة النبيلة وتغرس روح التسامح والمحبة من خلال الابتسامة.
لماذا كان النبي كثير التبسم
يعتبر التبسم من القيم الجمالية في التعاملات البشرية، حيث يسهم في خلق جو من الألفة والمحبة بين الأفراد. فقد كان النبي محمد صلى الله عليه وسلم يشجع أتباعه على الابتسامة، مستندًا إلى الأحاديث النبوية التي تشير إلى أن الابتسامة يمكن أن تكون صدقة، مما يدل على مكانتها العظيمة في الإسلام. ومن بين الأحاديث النبوية التي تعكس ذلك، نجد الحديث الشريف: “تبسمك في وجه أخيك صدقة.” إن الابتسامة تحمل في طياتها كثيرًا من المعاني. لذلك، سنستعرض بعض الأسباب التي جعلت من النبي كثير الابتسامة، ومنها:
- تعد الابتسامة علامة ترحيب ومودة، مما يعبر عن سعادة الشخص بلقاء الآخرين ويعزز الروابط الاجتماعية.
- تعتبر الابتسامة تعبيرًا عن التفاؤل والأمل في الأمور الجيدة.
- تمثل الابتسامة وسيلة لنشر الفرح والسرور في نفوس الآخرين، وقد تكون لها آثار إيجابية عميقة في العلاقات الإنسانية.
- تساعد الابتسامة على تخفيف الألم والأحزان، مما يتيح للنفس البشرية أن تجد بعض الراحة وسط الضغوط الحياتية.
- كما أن الابتسامة تساهم في خلق نوع من الهدوء والطمأنينة في قلوب الآخرين، مما يسهم في تخفيف مشاعر الكراهية والحسد وتساهم في بناء مجتمع يسوده الحب.
أسباب تبسم النبي في وجه الآخرين
النبي محمد صلى الله عليه وسلم كان يتبسم بشكل دائم، ليس فقط من باب العادة، بل لأنه يدرك الأثر الإيجابي الذي تتركه الابتسامة في نفوس الناس. فقد كان يُظهر من خلال ابتسامته الكثير من المودة ويعبر عن السعادة. فكما جاء في الحديث الشريف: “لا تحقرن من المعروف شيئاً، ولو أن تلقى أخاك بوجه طلق.” يُظهر هذا الحديث كيف يمكن للابتسامة أن تكون جزءًا من أعمال الخير التي يقوم بها المسلم في حياته اليومية. وقد تبين أن ابتسامة النبي كانت تعكس أيضًا مشاعر متعددة، فقد عبر عن مشاعر الغضب من خلال تبسمه عندما شعر بالاستياء من تصرف كعب بن مالك والذي تأخر عن غزوة تبوك.
مواقف توضح تبسم النبي
تتعدد المواقف التي تبرز تبسم النبي، حيث يروي ابن الحارث رضي الله عنه: “ما رأيت أحداً أكثر تبسماً من رسول الله.” وفعلاً، لقد كان الابتسام جزءًا لا يتجزأ من شخصية النبي، حتى في أوقات الضغوط. ففي موقف الاستسقاء، ابتسم النبي ورفع يديه بالدعاء قائلاً: “حوالينا لا علينا” معلقًا الأمل على رحمة الله، مما أعطى درسًا في كيفية التعامل مع الأزمات. وهناك أيضاً مثال آخر حين تسابق مع السيدة عائشة رضي الله عنها وابتسم قائلاً: “هذه بتلك”، مما يدل على روحه المرحة وحبّه لتقوية الروابط الأسرية.
التبسم من العادات الدائمة للنبي
كما ذكرت السيدة عائشة أن النبي لم يكن ضاحكاً بشكل قوي، بل كانت الابتسامة لا تفارق وجهه. وهذا يعكس مدى حكمته في التعبير عن مشاعره، حيث كانت له هيبة في الوقت ذاته. وبالإضافة إلى ذلك، أشار علي بن أبي طالب إلى أن ضحكات الرسول كانت تظهر جمال أسنانه، مما يوضح مكانته الفريدة في قلوب الناس. وقال جابر بن سمرة إن ابتسامة الرسول كانت دائمة، حتى في قلة حديثه، حيث كان يتمتع بشخصية مرحة وذو روح إيجابية.
في النهاية، نحن أمام مثال حي للرسول محمد صلى الله عليه وسلم الذي جسد في سلوكه وكلماته مفهوم الابتسامة. من خلال هذا المقال، تم توضيح كيف أن الابتسامة كانت توجهاً أساسياً في حياته، وأثرت بشكل كبير على من حوله. وقد تحمل الابتسامة بين طياتها معاني كبيرة من المحبة والتسامح، ونأمل جميعاً أن نستمر في السير على نهج الرسول صلى الله عليه وسلم.