تتجلى أحوال يوم القيامة الكبرى كواحدة من أهم المفاهيم في الإسلام، حيث يعتبر الإيمان بهذا اليوم من أركان الإيمان الأساسيّة،فقد وردت إشارات عديدة في القرآن الكريم والسنة النبوية تحذر الناس من أهوال هذا اليوم العظيم، وهو يتعلق بما سيحدث في ذلك الوقت وما يليها من أحداث تشكل مصيرهم،إن فهم تفاصيل هذا اليوم وكيفية وقوعه ليست مجرد معلومات دينية، بل تعتبر تذكيراً للمسلمين بالتزامهم وتوجيههم نحو الأخلاق الفاضلة والعمل الصالح.
إن الصراع الإنساني مع أهوال يوم القيامة يعكس عمق العقيدة الإسلامية، فهي لا تقتصر على الإيمان فقط بأحداث الموت، بل تشمل أيضًا الإيمان بحياة القبر وأحداث يوم البعث،فكل هذه الأحداث مترابطة وتشكل جزءاً من الإيمان باليوم الآخر الذي يعد الركيزة الأساسية في العقيدة الإسلامية،يتمثل التدفق الروحي من خلال الإيمان بضرورة التجهز لذلك اليوم من خلال الأعمال الصالحة وتجنب المحرمات،في هذه السطور التالية، سنستعرض أهوال يوم القيامة الكبرى، وكيف نربط هذه الأهوال بعقيدتنا.
أهوال يوم القيامة الكبرى
الإيمان باليوم الآخر هو جزء أساسي من عقيدة الإيمان الإسلامية،وقد جاء في الحديث النبوي عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن الإيمان يتطلب الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله وكذلك بيوم الآخرة،يقول النبي صلى الله عليه وسلم “أن تُؤْمِنَ باللهِ، وملائكتِه، وكتبِه، ورسلِه، واليومِ الآخرِ، وتؤمنَ بالقدرِ خيرِه وشرِّه.” وهذا يوضح لنا أهمية فكرة الإيمان باليوم الآخر التي تجعلنا نتذكر ما يأتي بعد الحياة الدنيا.
يمثل الموت بداية لتحولات حقيقية في حياة الإنسان، حيث أن من يموت قد قامت قيامته،كما يقول الدكتور عمر سليمان الأشقر في كتابه “القيامة الصغرى” “القيامة الصغرى هي الموت، فكل مَن مات فقد قامت قيامته، وحان حَيْنُه.” وتعتبر مرحلة الموت وما يتبعها من مشاهد، مثل الاحتضار وسكرات الموت، جزءًا من أهوال القيامة الصغرى التي حث عليها الإيمان باليوم الآخر.
تابع أهوال يوم القيامة
تتوالى أحداث يوم القيامة بدءًا من أهوال القبور، حيث يتعرض الإنسان لظلمات القبر وفتنته، وقد يتعرض لعذاب القبر إذا كان من الكافرين أو للنعيم إذا كان من المؤمنين،تؤكد العقيدة الإسلامية على الإيمان بهذه الأمور كما وردت في القرآن والسنة، وهي تمثل جزءاً من التسليم باليوم الآخر.
ثم تأتي علامات الساعة الصغرى والكبرى، والتي أخبرنا عنها النبي صلى الله عليه وسلم، ويلزم المسلم الإيمان بكل ما حدث منها وما لم يحدث بعد، وذلك جزء لا يتجزأ من الإيمان باليوم الآخر.
عند بلوغ أشراط الساعة وتحقق كل علامات القيامة، تقع الأحداث الكبرى مثل نفخة الفزع التي تصعق الأحياء، ثم يأتي أمر الله بنفخة البعث والنشور،هناك تفاصيل تتعلق بحشر الخلائق والموقف الحساب، حيث سيحصل الجميع على جوائزهم وفق أعمالهم، ويتحقق العدل الإلهي من خلال قصاص المظالم.
كل ما تم ذكره حول أهوال يوم القيامة ينعكس في تعليمات القرآن والسنة التي تؤكد على الإيمان بها والتسليم لما ورد، وكلها تحث الإنسان على العمل الصالح وتجنب السيئات خشية من عواقب هذا اليوم الأليم.
صفة أهوال القيامة الكبرى
تتسم أهوال يوم القيامة بالعديد من الأحداث المؤلمة، ومنها قبض الأرض وطي السماء، ودك الأرض ونسف الجبال،تصور الآيات القرآنية هذه الأهوال بشكل مذهل، حيث يصف الله سبحانه وتعالى كيف ستتغير الشمس والقمر، ويبدأ يوم القيامة بحدوث تعديلات هائلة في الطبيعة، وكذلك في كل ما حولنا.
انفطار السماء
يشير القرآن الكريم إلى أن السماء ستضطرب بشكل عظيم في ذلك اليوم،يقول تعالى في سورة الطور “يَوْمَ تَمُورُ السَّمَاءُ مَوْرًا”،وبعد الاضطراب، ستنفطر السماء وتنشق، مما يعني أن الكون سيشهد تغييرات جذرية،سيكون لهذه المرحلة تأثير كبير على الأحياء والأموات، حيث ستتحول السماء المتماسكة إلى حالة من الفوضى.
قبض الأرض
في سياق الأحداث، سيقبض الله الأرض ويطوي السماء بيمينه،وقد جاء ذلك في آيات عديدة، مثل قوله تعالى في سورة الزمر “وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ”،سيكون المشهد رهيباً عندما يُلقَى القبض على الأرض، ويختفي كل ما عليها من جبال وجرانات،هذا يشير إلى انتهاء العالم كما نعرفه.
دك الأرض ونسف الجبال
يُعتبر دك الأرض ونسف الجبال من الأحداث الكبرى، حيث تتحول الجبال الشاهقة إلى رمال،كما جاء في سورة الحاقة “فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ نَفْخَةٌ وَاحِدَةٌ وَحُمِلَتِ الأَرْضُ وَالْجِبَالُ فَدُكَّتَا دَكَّةً وَاحِدَةً”،هذا يشير إلى أنه سيُعاد تشكيل العالم بشكل كامل، حيث لن يبقى مكان للجبال أو للجبال الراسيات، بل ستصبح كلها سطوحاً مسطحة.
تفجير البحار وتسجيرها
من الأهوال المثيرة في ذلك اليوم هو انفجار البحار،فالآيات تشير إلى أن الماء سيكون له صوت مروع عندما يتحول من عنصر مهدئ إلى عاصفة نارية،كما جاء في سورة الانفطار “وَإِذَا الْبِحَارُ فُجِّرَتْ”،هذا التحول يشير إلى نهاية عالماً بأسره كما نعرفه.
تكوير الشمس وخسف القمر
ستتوقف الشمس عن الإضاءة ويخفت ضوء القمر،يقول الله تعالى في سورة التكوير “إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ”،هذه الأحداث تشير إلى الفوضى العارمة التي ستسود الكون، حيث ستكون النجوم والكواكب في حالة تشتت.
تناثر النجوم والكواكب
التفكك الذي سيؤدي إلى تناثر الكواكب والنجوم يمثل علامة قوية على أن يوم القيامة قد أتى،في الوقت الذي سيكون فيه البشر في حالة من الفزع والهلع، ستكون الكواكب التي اعتدنا على رؤيتها في السماء هي الأخرى في حالة جنون،كما ذكر الله في سورة الانفطار “وَإِذَا الْكَوَاكِبُ انتَثَرَتْ”.
كل هذه الظواهر تمثل جوانب مختلفة من أهوال يوم القيامة، فالله ذكرها في كتبه وأخبرنا بها ازاء أهمية الإيمان بها،وفي ختام هذا الحديث، نجد أن كل ما تم ذكره يتطلب منا الإيمان والتسليم بوجود يوم آخر وجزاءٍ يتبعه لكل إنسان،نسأل الله سبحانه وتعالى أن يوفقنا للعبادة والعمل الصالح ونعوذ بالله من النار وأهوالها.