يعتبر فهم السنن المؤكدة من الأمور الحيوية التي يجب أن يعرفها كل مسلم،فمن الأمور المعروفه أن فروض الصلاة لا تُعدّ إلا خمسة، بينما يُهمل الكثيرون الحديث عن السنن المؤكدة التي ترافقها، رغم أنها تحمل أهمية كبيرة في تعزيز الإيمان وتقوية العلاقة مع الله،لذا، يعتبر هذا المقال بمثابة توجيه شامل لتعريف المسلمين بأهمية هذه السنن ومكانتها، ليتمكن الجميع من الالتزام بها وتحقيق الفائدة المرجوة منها، مما يُسهم في ترسيخ الحسابات الروحية وتحقيق السكينة النفسية.
ما هي سنن المؤكدة
لقد جمع العلماء ما يتعلق بالسنن المؤكدة في ستة مواضع رئيسية تستند إلى أدلة وثبوت،هذه المواضع تتضمن مجموعة من الصلاة التي يشدد عليها بشكل خاص،وسوف نستعرض هذه المواضع في السطور التالية، مبينين مصدر كل منها لدعم المعلومات وتقديم فهم شامل،سواء كانت صلاة الوتر أو ركعتا الفجر أو غيرها من الصلوات، سوف نتناول كل واحدة بالتفصيل وأن نعرض الدول المعنية بالالتزام بها.
صلاة الوتر
تُعتبر صلاة الوتر من السنن المؤكدة التي تم التأكيد عليها بشكل خاص من خلال قول الرسول صلى الله عليه وسلم (أو تروا يا أهل القرآن، فإن الله وتر يحب الوتر)،تشير هذه العبارة بوضوح إلى مكانة هذه الصلاة التي تُعتبر عوناً للمسلم في تقوية إيمانه وتوثيق صلته بالله.
ركعتا صلاة الفجر
ركعتا الفجر أيضاً من السنن المؤكدة، وقد جاء ذلك في قول الرسول صلى الله عليه وسلم (لا تدعوهما ولو طاردتكم الخيل)،مما يدل على عظيم فضل هذه الركعتين وأثرهما في حياة المسلم اليومية،فهي تُعتبر بداية يوم مليء بالبركات.
ركعتان قبل صلاة الظهر
كما نجد أيضاً أن من السنن المؤكدة ركعتان قبل صلاة الظهر، وقد دعمت هذه السنة بحديث ابن عمر رضي الله عنه حيث قال (حفظت عن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، عشر ركعات قبل الظهر ركعتين، وركعتين بعدها، وركعتين بعد المغرب في بيته، وركعتين بعد العشاء في بيته، وركعتين قبل الصبح، وكانت ساعة لا يدخل على النبي، صلى الله عليه وسلم، فيها، حدثتني حفصة أنه كان إذا قام المؤذن وأذن وطلع الفجر صلى عليه الصلاة والسلام ركعتين).
ركعتان بعد صلاة الظهر
من السنن المؤكدة كذلك ركعتان بعد صلاة الظهر، وهذا يتضح من خلال الحديث الوارد عن ابن عمر الذي يدل على أهمية هذه الصلاة في تكملة اليوم بإيجابية وخشوع.
ركعتان بعد صلاة المغرب
علاوة على ما سبق، نرى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أكد كذلك على أهمية ركعتين بعد صلاة المغرب، وفقاً للحديث الذي رواه ابن عمر، مما يشير إلى أن هناك توقيتاً معيناً للحصول على الأجر والثواب.
ركعتان بعد صلاة العشاء
كذلك من السنن المؤكدة ركعتان بعد صلاة العشاء، وهناك دليل آخر من أم حبيبة التي أكدت قول النبي صلى الله عليه وسلم (من صلى اثنتي عشرة ركعةً في يوم واحد وليلة بُني له بهن بيت في الجنة)،هذا الحديث يُعزز من أهمية هذه الركعتين ويشجع على المواظبة عليهما.
السنن القبلية والبعدية
بعد التعرف على هويى السنن المؤكدة، من المهم أن نُسلط الضوء على ما يُعرف بالسنن القبلية والسنن البعدية وعددها،حيث نجد أن هناك آراء مختلفة بين العلماء حول عدد هذه السنن، وهذه الآراء تتضمن نقاطاً متعددة
- بعض العلماء يرون أن السنن القبلية والبعدية تتجاوز عشر ركعات تشمل ركعتين قبل الظهر، ركعتين بعد الظهر، ركعتين بعد المغرب، ركعتين بعد العشاء، وركعتين قبل صلاة الفجر.
- في المقابل، يرى آخرون أن السنة قبل صلاة الظهر تتكون من أربع ركعات، مما يجعل مجموع السنن اثنتي عشرة ركعة.
- بينما يذهب فريق آخر إلى أن المسلم يجب أن يُصلي أربع ركعات قبل العصر مما يجعل المجموع أربع عشرة ركعة.
- كما يرى فريق آخر أن السنة هي أربع ركعات بعد صلاة الظهر، فيكون المجموع هو ثماني عشرة ركعة.
هذه النقاشات تُبرز اختلاف الآراء حول مفهوم السنن الرواتب، مما يستدعي ضرورة الالتزام بعدد الركعات الوارد في الحديث المعروف عن ابن عمر.
مراتب السنن
سلط العلماء الضوء على مراتب السنن من حيث التأكيد على الالتزام بها، وقد جاء هذا التصنيف ليوضح مراتب السنن على النحو التالي
النوافل
حيث تتمثل النوافل في الأشياء التي قام بها النبي صلى الله عليه وسلم، لكن دون إجراء مواظبة دائمة عليها، بل كان يتركها في أحيان وينفذها في أحيان أخرى.
التطوع
وهذا يقدم للمسلم إمكانية القرب من الله، إلا أنه لم يُرد نص خاص بخصوصه، بل يقوم الفرد بذلك برغبته الشخصية.
المندوب
ينقسم هذا القسم إلى ثلاثة أجزاء هي
ما يُعظم أجره والذي يُطلق عليه سنة، وما يُقلله أجره والذي يُدعى نافلة، وما يقع بينهما ويُسمى فضيلة.
المستحب
ما قام به النبي صلى الله عليه وسلم أحياناً أو أمر به أصحابه ولكنه لم ينفذه بشكل دوري.
السنن المؤكدة
تمثل هذه السنن كل ما قام به النبي صلى الله عليه وسلم وثبت عليه، ولم يتركه إلا بشكل نادر جدّاً.
السنن غير المؤكدة
تشير هذه الفئة إلى ما قام به الرسول الكريم وداوم عليه مع إمكانية تركه في بعض الأحيان.
الفرق بين السنن المؤكدة والسنن الرواتب
ومن المهم فحص الفروقات بين السنن المؤكدة والسنة الرواتب، وهذا يتجلى في النقاط التالية
السنن الرواتب
تشير السنن الرواتب إلى الصلوات التي تُأدى بعد الصلاة المفروضة،ووفقاً لرأي بعض العلماء، فإن بعض السنن المؤكدة مثل صلاة العيدين وصلاة الضحى تندرج ضمن هذا النوع لأنها ترتبط بأوقات محددة، وتشمل
- ركعتان قبل صلاة الفجر.
- أربع ركعاتٍ قبل صلاة الظهر.
- ركعتان بعدها.
- ركعتان بعد صلاة المغرب.
- ركعتان بعد صلاة العشاء.
السنن المؤكدة
كما سبق تعريف السنن الرواتب، يُفترض أن نعرف ما تُعنيه السنن المؤكدة، التي لم يتركها النبي في حياته إلا نادراً، مع التحذير من تركها حيث يُلام تاركها.
حكم تارك السنة المؤكدة
اتفق العلماء على أهمية أداء السنن المؤكدة واستحباب المواظبة عليها، كما أكدوا على المنع من تركها، لأن تاركها تعرض لتبعات سلبية، بل يعد ذلك نقصًا في الدين،وقد أورد النبي الكريم صلى الله عليه وسلم (من رغب عن سنتي فليس مني)،من المهم أن يفهم المسلمون أهمية التمسك بهذه السنة بحرصٍ شديد، إذ لها ثواب عظيم وتُحقق القرب من الله.
في الختام، يبقى فهم السنن المؤكدة من الضروريات التي يجب أن يتعرف عليها كل مسلم،هذه السنن تحمل فضائل كثيرة وتؤدي إلى توطيد العلاقة بالرسل، كما أن تاركها يقع في ضعفٍ، وقد وردت تحذيرات غزيرة عن العقوبات المترتبة على تركها،لذا فإنه من الواجب أن نتبع هذه التعاليم التي تمثل جزءًا أساسيًا من مسيرتنا الإيمانية والروحانية.